Admin Admin
عدد الرسائل : 53 العمر : 43 الوظيفة : Programmer تاريخ التسجيل : 06/07/2008
| موضوع: آيات بينات في معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة يوليو 11, 2008 7:31 pm | |
| آيات بينات في معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم
تعرضت الأمة الإسلامية ـ وما زالت ـ لأزمات عصيبة , وشدائد عديدة في الآونة الأخيرة , من الشرق والغرب , ومن الكافر والمبتدع , ومن العدو والحسود , مما جعل الكثير من المسلمين يحسب أنها وصلت إلى الهاوية , ولن تقوم لها قائمة , وصاروا ينظرون إلى قوى الشر بما تمتلكه من أسلحة فتاكة على أنه لا قبل لأحد بها , ويرون أنه من العبث مخالفتها فضلاً عن الوقوف أمامها , وما أوقعهم في هذا الوهم إلا جهلهم بحقيقة ما تمتلكه تلك القوى بالقياس إلى ملك الله الواسع الذي نعيش فيه , وعدم تفكرهم في قدرة الأسلحة التي يرهب زعماؤها العالم بها بالنسبة لقوة الله سبحانه وتعالى وبطشه وجبروته , ونسيانهم لجنود الله بجانب تذكرهم لكثرة الأعداء , وتنوع طوائفهم .
وقديما تعرض النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه للاضطهاد والتعذيب , وصوبت إليه سهام الأعادي من كل ناحية , وسدت أمامه كل طرق الدعوة إلى الله بمكة , فخرج مهاجراً إلى مدينة الطائف ؛ لعله يجد من بينهم من ينصت لحديثه , ويستجيب لأمره , فإذا هم أكثر إعراضاً وكفراً من أهل مكة , حيث ردوا عليه رداً قبيحاً , وقال أحدهم ساخراً :هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك , وقال آخر : أما وجد الله أحداً أرسله غيرك , وقال ثالث : والله لا أكلمك أبداً , لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام , ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك (1).
ولم يكتفوا بذلك بل قال له سادتها ناهرين إياه : اخرج من بلادنا! وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم , يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس , وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة , وقعدوا له صفين على طريقه , وصاروا يقذفونه بالحجارة , وجعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة , حتى سال الدم من قدميه .
وعاد إلى مكة بعد هذه الرحلة المضنية , وكانت الأخبار قد سبقته إليها بما لاقاه على يد هؤلاء من إهانة , فازدادوا في تعنتهم , وعزموا على عدم إدخاله إليهم , لولا أنه استجار برجل من كبار قريش , من أصحاب القلوب الرحيمة , وهو "المطعم بن عدي" مما جعل أبا جهل يسخر منه قائلاً : هذا نبيكم يا بني عبد مناف .
واشتدت وطأتهم على أصحابه الموجودين بمكة لدرجة أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ الذي كان لا يصبر على فراقه استأذنه في الخروج إلى الحبشة ؛ ليستريح من عنتهم , فأذن له , وهمّ أبو بكر بالخروج فمنعه رجل من أصحاب الزعامة في قومه ويسمى "ابن الدغنة" إذ عز عليه أن يخرج من مكة رجل مثل أبي بكر , يستفيد من خيره الصغير والكبير من أهل مكة فأجاره.
وأمام هذا الواقع المؤلم الذي لا يُرى منه بصيص نور , ويوهم كل من عايشه أن قوة المشركين لا يردعها رادع , وأن شعلة الإسلام كادت تطفأ , شاء الله أن يري نبيه صلى الله عليه وسلم حقيقة هؤلاء المعاندين وغيرهم من سائر المشركين ، وحجم الأرض التي يتفاخرون بقوتهم عليها بالنسبة للكون الذي بسطه الله سبحانه وتعالى , فأرسل جبريل "الملاك" فاصطحبه إلى بيت المقدس, حيث كان يعيش كثير من الأنبياء الذين سبقوه ؛ ليذكره بحالهم , وحال الأمم السابقة معهم , ثم عرج به إلى السماء , إلى حيث لم يبلغ أحد من البشر ؛ لينظر من هنالك إلى ملك الله الواسع الفسيح , وينظر إلى الأرض, ويعلم أين هي وسط مليارات النجوم التي تسبح في الفضاء , وكم تساوي هي ومن عليها بالنسبة لكون الله الواسع , وحجم الذين يصدونه عن دين الله , ويحادونه بكل ما أوتوا من قوة .
وإذا كان من صعدوا الفضاء قد رأوا الأرض كحجم الكرة الصغيرة , فأحسب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رآها في معراجه أصغر من حبة الرمل , وأما من عليها فلم يبدو شيئاً على الإطلاق , تناهوا في ملك الله كحبة التراب التي تلقى في البحر المحيط , مما جعله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من تلك الرحلة المباركة يقبل على دعوته وقد ازداد ثقة على ثقته , وأيقن بتحقق وعد الله , وصار لا يعبأ بما يلقى في طريقه من عقبات .
فما أحوجنا ـ نحن المسلمين ـ الآن إلى أن نتأسى به صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف , فنزداد ثقة على ثقتنا , ويقيناً على يقيننا, غير عابئين بما نلقى في طريقنا من أشواك , وأن نعرف حجم من يعادون الله فلا نهابهم أو نرهبهم , ولا نستعظم قوتهم بجوار قوة الله .
وإذا كان الله لم ينعم علينا بنعمة المعراج التي خص بها نبيه فنرى ما رأى , فإنه سبحانه وتعالى قد أتحفنا بالصلوات الخمس , والتي أحسب ـ والله أعلم بمراده ـ أنها ما فرضت في المعراج إلا لهذه الحكمة , حيث نقف أمامه ـ سبحانه وتعالى ـ خمس مرات كل يوم , نتذكر فيها عظمته, فنزداد يقيناً وثقة وعزاً , ويصغر في عيننا كل متكبر, يظن في نفسه القوة والعظمة , ويحسب أنه وحده صاحب الأمر والنهي في الأرض , ونكون كمن قيل لهم " ..إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء.." سورة " آل عمران __________________ أبو أمير | |
|