إحتارت بين جوزي وحبيبي؟

أختي الحبيبة، أحكي لك حكايتي المؤلمة اللي مش عارفة أحِلّها.. أنا اتجوزت جوزي بدون حب أو بمعنى أصح اتغصب عليّ. وضحيت بحبي علشان خاطر والدي كان فرحان بالعريس وكنت لما أقول مش عايزاه والدي بيتعب فأضطر أسكت، ووافقت بس صدقيني همّ كانوا عارفين اللي في قلبي..

اتجوزت والمشكلة إني لقيت جوزي بيعاملني بطريقة مش حلوة.. أقول له كده مينفعش يقول لي أنتِ مش هتمشي على كلامك، وضرب وإهانة من غير سبب، ومبيخرجش معايا مع إني على قدر كبير جدا من الجمال وده مش غرور بس أنا باقول لك. ودائما يقول لي إن والدتي باست رجليه علشان يتجوزني. وزعلت بعد فرحي بأسبوعين وجِه صالحني وروّحت معاه بس مقدرتش. مصالحنيش ولا قال لي كلمة حلوة وقال لي أهلك بايعينك وجيت آخدك ورضيوا. المهم إنه كتير بيكرر إنه مش عاوزني ومبيقربش مني إلا إذا كان عايز مني حاجة بس. وقال لي إنه بيحب واحدة تانية وهي اتجوزت..

المهم إني مش قادرة أستحمله وزهقت منّه ومن عيشته.. قولي لي أعمل إيه؟ علمًا بأن حبيبي الأولاني عرف اللي حصل لي وقال لي إنه لسه بيحبني وعايز يتجوزني مع إنه مكانش بيكلمني أول ما اتجوزت وقال لي مش عاوز اخرب بيتك.. المهم إني لسه باحبه ومش عارفة أعمل إيه.. أروح لجوزي المغصوبة على جوازي منه؟ ولاّ أروح لحبيبي؟ ولاّ أسيب الاتنين؟ ولاّ أعمل إيه؟؟

ش.

استمعت وقرأت مئات المشكلات وعشت مع أصحابها بعقلي وقلبي معًا ووجدت بعد 12 سنة من الرد على المشكلات أن أسوأ شيء يمكن أن يقوم به الإنسان هو أن يظلم نفسه بنفسه وأن يغلق بنفسه زر النور في حياته بيديه، ثم يتألم طوال عمره من العيش في ظلام، ويظل يبكي بكاءً حارًا ويتنفس التحسر على حاله فيزيد من سوء أوضاعه. وتكون النتيجة أنه يتخبط في تصرفاته ويتعامل مع الجميع على أنه ضحية وينتظر معاملة خاصة أو تعويض عمّا حدث له وبالطبع لا يحصل عليه فتزداد حياته تعاسة وكآبة.
هذا ما خرجت به وتذكرته عندما قرأت رسالتك أكثر من مرة.. واسمحي أن أكلمك بصراحة تامة كأم وأخت وصديقة أيضا. فأنت لم تذكري لماذا لم يتقدم من أحببتِه للزواج منك وكيف تنازل عنك بسهولة ولماذا لم يحارب حتى لا تتزوجي غيره. قد تقولين إجابات كثيرة مثل إنه حاول ولم يستطيع أو إن الظروف كانت أقوى لأن أسرتك رفضته باصرار.. وما شابه ذلك..

والحقيقة أن كل هذه الإجابات تقوم بتزييف ما حدث وهو أنه لم يكن مقتنعا بما يكفي للزواج منك أو أنه لم يكن مناسبا لك، والأهم أنه ليس من نصيبك المكتوب لك قبل ميلادك ولذا يجب أن تتعاملي معه على أنه مجرد حلم وانتهى وأن التفكير به خيانة لنفسك ولدينك قبل أن تكون لزوجك. كما أن هذا التفكير يتعس حياتك وسيجعلك أكثر مبالغة في تفسير أي تصرف لا يعجبك من زوجك وتصويره على أنه دليل على الكراهية مما يجعلك تسعين إلى خراب البيت وحمل لقب "مطلقة" والجلوس في بيت والدك لسنوات طويلة ثم تتزوجين –إن تزوجت- برجل مطلق أو أرمل يكبرك في العمر كثيرا ولديه أولاد ويحتاج إلى من تقوم برعايتهم وتربيتهم والعناية بهم.
أما من كنت تحبينه فإذا كان قد فشل في الزواج بك وأنت آنسة فهل تتوقعين ان يتزوجك بعد الطلاق؟ أؤكد لك أنك إذا فكرت بهذا الأسلوب -كما ورد في الرسالة- فإنك ستضرين نفسك كثيرا وسيتخلى عنك تماما بعد الطلاق مثلما حدث في حالات كثيرة مشابهة وستدفعين الثمن باهظا وستندمين وحدك كثيرا. ويمكنك الاستمرار في حياتك كما تعيشينها بالفعل، أي أن تقومي بشحن نفسك ضد زوجك وأن تتذكري دائما أنك تزوجتِه رغما عنك فتقارني بينه وبين من أحببت وأن تتركي البيت عند كل مشاجرة بينكما وتنتظري معاملة حلوة من زوجك دون أن تقدمي له ما يشجعه على ذلك من إظهار الحب والاحترام..

وستمر الأعوام وستنجبين الأطفال وستكرهين حياتك معه وسيكره التعامل معك وتزداد الخلافات وقد يتركك ليتزوج بأخرى أو يخونك مع أخريات، أو تطلبين الطلاق وتتحملين مسئولية تربية الأبناء لوحدك أو تعيشين معه وأنت مضطرة حتى لا تتحملي المسئولية وحدك فتكبري قبل الأوان وتتعبي صحيا ونفسيا، فهل هذا ما تريدينه لنفسك، والذي عشته بنفسي في حالات مشابهة لزوجات أصرت الواحدة منهن على أن تعيش في دور المظلومة والضحية فأضرت نفسها وخسرت الكثير والكثير.
وأكاد اسمعك تقولين وماذا أفعل؟ لقد تزوجته رغما عني وهو لا يحسن معاملتي ورغما عني أقارن بينه وبين من أحب وأتخيل حياتي مع الثاني فأجدني قد حرمت من كل السعادة التي كنت سأجدها معه وبأنني أعيش مع إنسان لا يقدر جمالي ولا يسمعني كلمات الحب التي كنت أسمعها ممن أحببت. وسأناقشك بهدوء تام، وسأبدأ بكلمات الحب فقد كان من أحببت كريما معك فيها حتى يضمن استمرارك في علاقتك به ولأن بعض الشباب يتخذونها وسيلة للسيطرة على البنات، كما أنه كان غير مسئول عنك... أي أنه كان يحبك حبا مجانيا، بدون أية التزامات، وكان يقضي معك بعض الوقت بعيدا عن الأعين لذا كان يستغل هذا الوقت استغلالا جيدا من حيث إغراقك بالكلام الحلو ليحصل منك على أفضل تجاوب عاطفي ممكن في هذا الوقت القصير.
وبالطبع لو كنت تزوجته لكان الوضع اختلف تماما بعد الزواج، وبالمناسبة فإن معظم الزواج المبني على الحب ينتهي بالفشل الذريع في وقت قصير للغاية وهو ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة لأن طرفيه لا يعرفان بعضهما البعض جيدا بسبب الاندفاع العاطفي والتلهُّف إلى الاستماع إلى كلمات الغزل مما يجعلهما يتغافلان بإرادتهما عن رؤية العيوب في الطرف الآخر والتي تظهر –بوضوح- بعد الزواج فيشعرا بخيبة الأمل وتبدأ المعارك وينسحب الحب تدريجيا وتبقى المشاكل التي إما أن تنتهي بالطلاق أو ربما بالاستمرار في زواج فاشل. لذا اطردي من ذهنك فورا العودة لمن أحببتِ إلا إذا كنت تريدين إلقاء نفسك في النيران التي ستقوم باحراقك تماما فلا تنسي ذلك أبدا.

ولنأتي إلى قولك إنك تزوجتِه رغما عنك والحقيقة عكس ذلك، فلا أحد يفعل شيئا رغما عنه، لقد اخترت الزواج منه إرضاءً لوالدك، كما قلت، وفي ذلك موافقة غير معلنة، ولا أتفق معك بأنك ضحية وأنك وافقت عليه لأجل والدك، فالحقيقة أنه كان بإمكانك الاختيار بين أمرين، إما اختيار من أحببت وإقناع والدك به والتمسك بذلك وتحمل بعض المشقة التي قد تزيد أو تقل وفقا لكفاءة من أحببتِ ومؤهلاته وإمكاناته وظروفه، والتضحية براحتك مع إمكانية التعرض لمضايقات متنوعة من أسرتك..

ولكنك رفضتِ هذا الاختيار بكل إرادتك واخترت بدلا منه الموافقة على اختيار والدك ورأيت أنّ تحمُّل الابتعاد عن هذا الشاب أقل ضررا من تحمل المعاناة وربما انتظار سنوات حتى تتزوجي منه، وكان بإمكانك تركه وفسخ الخطبة أو الإصرار على عدم عقد القران إلا بعد التعرف عليه جيدا والشعور بأنك سترتاحين معه ولكنك اخترتِ مواصلة الطريق واستعددت للزواج واشتريت آثاث المنزل معه، وارتديت فستان الزفاف وتجمّلت وبعد ذلك ذهبت معه إلى بيت الزوجية وأتممتِ الزفاف وفي كل خطوة من هذه الخطوات نوع من الموافقة على الزواج منه فلابد أن تتوقفي عن ظلم نفسك والقول بأنك تزوجتِه رغما عنك لأنه يخالف الحقيقة ويؤذيك وحدك كثيرا فتذكري ذلك دائما.
وعندما تتخلصين من الشعور بأنكِ ضحيت للزواج من هذا الرجل وتُذكِّرين نفسك بأن والدك كان فرِحًًا به وهذا يعني أن لديه مميزات سواء اجتماعية أو مادية أو علمية وربما يجمع بين هذه المميزات أو بعضها، فلماذا لا تفرحين بهذه المميزات وتعاملينه بصورة ممتازة وتبدئين بتقديره وإظهار الاحترام له والكف عن مطالبته بتغيير المعاملة، فالزوجة الذكية لا تفعل ذلك لأن كل الرجال لا يحبون إصدار الأوامر لهم، والأذكى تفهُّم أسباب سوء المعاملة، والتعامل مع الزوج بذكاء لتفوزي بالسعادة وبدء صفحة جديدة معه، وأن تفعلي ذلك من أجل نفسك أولا وأخيرا، ولأنك تستحقين العيش في أفضل ظروف ممكنة.
وتعلمي أن الزوجة الناجحة لا تترك بيت زوجها عندما تغضب منه حتى لا تزداد المشاكل وحتى لا يشعر أنها تعود إليه مضطرة وأن أهلها أخبروها بذلك، واعلمي أن مكانك الحقيقي في بيت الزوجية فلا تتركيه ثانية حتى لا تدفعي زوجك إلى الضيق منك أو التخلِّي عنك أو أن يعتاد العيش بعيدا عنك، وتذكري أن السنة الأولى في الزواج بها الكثير من المشاكل بسبب اختلاف الطباع، وهوّني على نفسك وافهمي الأسباب التي تضايق زوجك منك وابتعدي عنها وكوني ذكية وافعلي ذلك من أجل نفسك ولتشعري أنك تصنعين حياة سعيدة لنفسك، فالزوجة أكثر تألما من مشاكل الزواج بشكل عام وأكثر استمتاعا بنجاحه لذا عليها أن تمسك بيدها بالريموت كنترول وتجعل زوجها يحبها ولا يستطيع الاستغناء عنها أو مضايقتها.
واسعدي بإقبال زوجك عليك في اللقاء الزوجي وكوني ذكية وتجاوبي معه بكل الطرق الممكنة حتى يذيب هذا اللقاء الجفاء الذي بينكما، وليس مهما أن يخرج معك زوجك ما دام لا يمنعك من الخروج، ولا تفتشي عن الأسباب التي تزيد من ضيقك به حتى لا تضيِّقي حياتك، وابحثي عن الأسباب التي جعلت والدك يفرح به وضعيها أمام عينك دائما واسعدي بالزواج فهو نعمة خاصة مع تزايد نسبة العوانس ومنهن فتيات جميلات جدا.
ولا تنسي ضرورة التوقف عن الحديث بأي كلام جارح حتى لو انتقدك كي لا تحرضيه على إهانتك سواء بالقول أو بالضرب، وراقبي حركات وجهك ويديك فقد تقولان ما هو أسوأ من الكلمات، وأظهري له الاحترام لتفوزي بحبه.. وفقك الله وأسعدك.